سيد عبدالله بن أحمد دام
( 1159 - 1284 هـ)
( 1746 - 1867 م)
سيرة الشاعر:
سيد عبدالله بن أحمد دامْ بن عبدالرحمن البنعمري الحسني.
ولد قرب بلدة «أندومري وتوفي في موضع يسمى «بجعة» (جنوبي نواكشوط).
عاش في موريتانيا والسنغال وبلاد السودان الإفريقي.
درس القرآن الكريم والعلوم الشرعية واللغوية، وحفظ عددًا من دواوين الشعر الجاهلي والإسلامي، كما توسع في اطلاعه ليشمل قضايا عصره العلمية والثقافية، ومن أبرز محطات تعليمه: أستاذه وعمه، ثم محاضر أخواله من بني ديمان، ومدرسة المختار بن بونه النحوية اللغوية.
عمل بالتجارة في غربته.
الإنتاج الشعري:
له ديوان شعري، حققه الباحث محمد رضوان بن محمد سالم - في المدرسة العليا للتعليم - نواكشوط 1983. (تبلغ أبيات الديوان 950 بيتًا)، وله عدة قصائد في كتاب: «الوسيط في تراجم أدباء شنقيط».
قال الشاعر في المدح والفخر والغزل والوصف، ويشكل شعر الحنين محورًا لافتًا بحكم تجربته الذاتية وغربته الطويلة، وقد اكتسب شعر الحنين رقة المشاعر وسهولة التعبير، في حين جنح شعر المدح والفخر إلى الجزالة.
عناوين القصائد:
تجلدت للتوديع
من قصيدة: نجم الهدى
تجلدت للتوديع
تجلَّدْتُ للتوديع والقلبُ جازِعُ وأخفيْتُ ما كادت تُبين المدامِعُ
ترقرق دمعٌ لو أطعت غروبَه ذرفنَ كأجرى ما تفيض الدوافع
فيا عجبًا أخشى الفراق وطالما حرصتُ عليه مكرهًا أنا طائع
أمَرُّ النَّوى منأى حبيبٍ إذا دنا لَوَتْكَ بمحبوبٍ بلادٌ شواسع
هما طرفا ميزان شوقٍ كلاهما يطلِّقني أهوالُه ويُراجع
أُتيحت لغرب الأرض مني زيارةٌ وفي الشرق أرضٌ في المزار تُنازع
ألا فارحلا قبل الصَّباح مطيَّنا فلم يبقَ إلا أن تُجاب البلاقع
إلى حاجةٍ لم يثنِ عنها عزيمتي صديقٌ بألوان الملامة صادع
غدا إذ غدا فرخاه منه بمنظرٍ يُثبَّط لو أن الشجيّ يطاوع
أأصغي وأفراخي قد اعرضَ دونهم عراضُ الفيافي والجبال الفوارع
دعاني إلى نسيانهم كلُّ راقمٍ على الماء صَمَّت عن دُعاه المسامع
إذا وعدوا بالمال ثم ذكرتُهم تلاشت إذًا لو يعلمون المطامع
وإن خدعوا بالغِيد غادر ذكرُهم لديَّ هباءً ما وشاه المخادع
وإن قيل في أهل التغرُّب أسوةٌ فما أنا للضاوين في العجز تابع
سأُعمل سيرَ النُّجب نَصّاً إليهمُ وأهمل لغوًا رأيَ من هو راجع
ومُعطي عهود أن يُرافِقَ أصبحتْ تمرّ بها نُكْبُ الرياح الزعازع
يضاعفُ من عزمي على السير كلما بدت من ضمير المخلفين الجنادع
بدا ما طوى من كان يزعم أنه سيطوي إليَّ البيدَ والحقُّ ناصع
تكاسلَ إخواني الأقاربُ في الرَّخا لدنْ صدعت شملي الليالي الصوادع
فما أستأجروا لي صاحبًا من سواهمُ فربَّ أجيرٍ في المضايق نافع
ولكن كفتني منَّةً سيمُنُّها فتًى لم تدم مني لديه الصنائع
جَلادةُ نفسٍ بين جنبَيْ مجرِّبٍ تهاب قتادَ المنِّ منه الأصابع
ويصغر في عينيه ما استعظم الذي تهون لديه الداهياتُ القوارع
أما والموامي والهواجر والسُّرى وأنضائها منها رهيصٌ وظالع
لئن أسلموني للنوى لم يكن معي أخٌ لحميَّا وحشة البين دافع
لما أسلموا حيرانَ يعيا بأمره إذا راح كلُّ الناس وهو مُقاطع
ولكنْ غنيُّ النفس أمضى عزيمةٍ من العَضْبِ جلاَّه الكميُّ المصارع
تعوَّدَ فقدانَ الرفيق بأمكُنٍ تغول بها نفسَ الجبانِ الروائع
خليليَّ من يخشى اعتسافَ تنوفةٍ لواه بحَوْجا وهدُها والأجارع
فإني لمقدامٌ على كل مَهْمَه يتيه به لو كان يغشاه رافع
جسورٌ على دُهْم المخاوف في يدي عُرَى الحزم لا يُلفى بها وهو ضائع
صبورٌ على برح المشقّات ينثني عَنَ اهوالها الزرقُ العيون السمادع
ولستُ لأمرٍ إن تعاصى بتاركٍ ولستُ لـمَرْءٍ في أموري أطاوع
أصيخ إذا قالوا وأتبع ما أرى وما سيفُ مُنقادِ القرينة قاطع
وما ضمَّ ثوبي عاجزَ الهَوْء كلما أشار عليه غيرُهُ فهو طائع
شكوتُ إلى المبدي المعيد بمثل ما شكوت به إذ عوَّقتني الموانع
فسنَّ امتنانًا أمرَ حوجاءَ طالما لوت فانثنى باليأس من هو طامع
ألا ليت شعري هل أراني بصِبيتي طليقًا منَ ايدي النأي والشملُ جامع
عليَّ إذًا إطعامُ أضعاف من مضى وصومٌ بصيفٍ سبعةً متتابع
***
أحمد ابن حبيب الله ابن المنى
( 1328 - 1380 هـ)
( 1910 - 1960 م)
أحمد بن حبيب الله «بُلاَّ» بن أحمدُّ بن عبدالله بن محمد «الـمُنَى» الحسني نسبته إلى قبيلة إِدَا بْلَحْسَنْ.
ولد في اِندُومرِي: الجنوب الغربي الموريتاني، وتوفي في السنغال.
عاش في موريتانيا، وغينيا كوناكري، وسيراليون، والسنغال.
درس العلوم اللغوية والشرعية في محضرة والده حبيب الله «بُلاَّ»، وقد أجازه والده في مختلف الفنون والمتون التي تُدَرِّسُها المحضرة.
سافر للعمل وممارسة التجارة فتنقل بين غينيا كوناكري، وسيراليون، والسنغال.
الإنتاج الشعري:
للشاعر مقطوعات قليلة، متداولة، لما فيها من صدق الحنين والتشوق، منها:المقطوعة النونية وقد ذكرتها عدة بحوث للتخرج، والمقطوعة الدالية التي رواها ابن عم الشاعر (الباحث محمد بن أحمد) من حافظته.
لا تكفي القطعتان لاستخلاص تصور شامل لفنه الشعري، أما ما تحملان من دلائل الحنين ولوعة الغربة فهذا ما يتضح فيهما، ويبرهن على صدق العاطفة، وحرارة الشعور.
عناوين القصائد:
في ديار الغربة
في ديار الغربة
أيا مَنْ لِنَاءٍ لا يزالُ حنينُه ُ إلى والديه دائماً وأنينُهُ
نأى عنهما عامًا وعامًا وذُو نَوىً فذاكَ جديرٌ أنْ يدوم حنينُه
وضاعَفَ منه الهَمَّ أنْ رَاءَ بارِقًا بأقصى بلاد الغرْبِ لاح جبينه
ففاضَتْ على الخدّين منه مدامعٌ كما انْفَضَّ دُرٌّ منْ نظامٍ يَخُونُه
أقولُ لبَرْقٍ هَاجَ ما بيَ منْ أَسًى وغادَرَ مِنّي الدمع يجري مَعِينه
أيا بَرقُ حَيِّ الأَهْلَ عنّي وَرَوِّهِمْ وَخبِّرْهُمُ عني بما تستبينهُ
وإمَّا عَداك الأمرُ يا برقُ إنني رَهينُ أَسًى ما إنْ يُفَكُّ رَهينُه
وَبلِّغْ أَبي منّي السَّلامَ وقُلْ له يُحَيِّيكَ مَنْ قَدْ كُنتَ قِدْماً تَصُونُه
ولما دنا ما كنت منه مؤَمّلاً نآك كما يَنْأى الغَريمَ خَؤُونُه
وَعرِّجْ بأُمِّي واترُكِ القولَ عندها ألا إنَّ بَعْضَ القول جلَّت شُؤونُه